محمّد عثمان داير المناضل والإنسان … الغلئب الحاضر
بقلم: عبدالفتّـاح ودّ الخليفة
فى 25-05-2012 يكون قد مرّ سبعة عشر حولا على إختفاء المناضل ( محمّد عثمان محمّد داير) والّذى إختفى فى صبيحة ذالك اليوم من غرفته فى فندق (إمباسادور) فى العاصمة أسمرا…
عرفت أنّهم أخفوه من نفس الغرفة التى زرته فيها ليحكى لى البدايات وعن رفاقه (محمود شكينى) و (عبدو محموداى) و(حسن سعيد باشميل) وعن كلّ اللّذين مضوا ليبقى الوطن…..أخفوه وغيّبوه لأنّهم لا يروق لهم رؤية الأشراف .. الّذين وهبو صباهم وشبابهم وكلّ حياتهم لتراب الوطن… فى وقت كانت كلّ المعطيات لصالح العدوّ….
غيّبوك ولست وحيدا…. وحسدوك لأنك فريدا فى حبّك للوطن وفريدا فى. إخلاصك ووفاءك لزملاءك ورفاقك….تجاوزنا وتجاوزت جرح الماضى .. ولذالك أتيت إلى العاصمة لتحىّ الحرّية فى عقر دارها ومحرابها .. الحرّية التى أتت بجهدك وكدّك وبأرواح رفاقك الّذين قدّموها قربانا للوطن… ولكن الرّفاق الآخرون اللّذين تعلّمو منك حبّ الوطن .. كان الكره والمكر والضّغائن وكلّ الخبائث قد سبقت الحب إلى قلوبهم فعشعشت وإفترشت ضمائرهم ..
وأيضا لأنّ لهم فى الضّـغائن تأريخ…. والإنتماء إلى (جبهة التّحرير ) فى قاموسهم كان ذنبا وجرما لا يمحوه الزّمن فى الوقت الّذى مدّو الأيدى وبسطو الفراش لإستقبال بقايا وخدم (منقستو هيلى ماريام) ربّما للحمة والدّم والعرق … فمستشار منقستو هيلى ماريام أصبح مستشار أسياس (سيّوم حرقوت_ أمارى تخلى ) والمدّعى العام فى عهد (منقستو هيلى ماريام( (طعامى) كان أيضا (مدّعى ) ومدعو عليه فى عهد (دولة الإستقلال)…. ولكن لأنّ عقدتهم ليست الأنظمة السّابقة ولا اللاحقة فى إثيوبيا..بل عقدتهم كانت ولا زالت هى (القيادة العامة) ويحلو لهم تسميتها (عامة) ويضيفوا تكرّما من موسوعة التّقرنية (حراديت عامّا كارّا إنتسأنت لامّا) وتعنى …(عامة السّفّـاحة إن لم تجد سكين فالموس) ….
… لأنك كنت من الحرس والأحرص فى لحظات هبّت أعتى الرّياح على الثّورة وأرادت جرفها ليبقى لنا السّراب والتصحّر الوطنى… فأنت جزء من حقدهم القديم وتغييبك وإخفاءك كان حلمهم الجديد… فى عهدهم الغير مجيد.. ولكن لأنّ يد الله فوق أيديهم ….
وملك الموت قابض الأرواح بدأ يأخذهم وينتف أرواحهم وهم فى سكرات الخوف والوجل من الأجل… فلربّما سبقنا القدر إليهم قبل أن نأخذ القصاص!!!!! لكن ما حزّ فى نفسى وترك فيها لوعة وأسى و إختناق هو إنّك جبت البوادى والجبال وكلّ وادى فى الأرض الطيّبة (إرتريا) فى أيّـام بحثك عن الحريّة والوطن. المفقود.. وعدت سالما معافى لتحتفى بالفرح المؤجّل والعرس المبجّل….
ولذالك جاء أسفى وحزنى أن يأتيك الأذى ممّن أحسنت ضيّافتهم فى(عاصمة الثّورة ) وحاضرة (البدايات) (كسلا)….. جاء الخذلان هذه المرّة من رفاق آويتهم ووقيتهم بطش (الأمن السودانى) فى أيّـام هيجانه وتآمره على الثّورة والثّوار…
ولأن الزّمن والوقت كفيل بردّ السيئ للسيئين سوف لم ولن ننسى هذا الطعن فى الظّهور فى مكارمنا وخيارنا.. فصبرا حيث أنت ولو إلى حين لاّن الغادر والماكر ليس فى كلّ الأوقات ناجح وشاطر….. ونرى الرّياح فى أيّـامنا هذه اتهبّ عكس ما يشتهون.. سوف تثور عليهم أفعالهم وأحقادهم لأنّـها أنجبت بركانا وحمما للإنتقام وردّ الشّرف….ولأنّك لست فردا ولم تسقط سهوا ولا عمدا…ولأنّك رمزا… لعزّتنا.. لكرامتنا….. وتأريخنا ومن ذوى الفضل والأصل فينا سوف تكون أول شعارنا فى وجه (الهجدف) والرّقم الأوّل فى ملفاتنا عن المغيّبين … ..
المناضل والإنسان الطيّب والكريم إبن الشّيوخ والكرماء (محمّد عثمان محمد داير).. اليوم حال الحول السّـابع عشر على إختفاءك القسرى فنقف إجلالا وإكبارا لنضالك… ولتأريخك ليس فقط للتذكير لأنّك أصلا مذكورا فى كلّ فضيلة وفى جلّ محافل الوطن ولكن أردنا أن نقول (لأبرها كاسا- وسيمون قبرى دنقل وفرعونهم الأكبر .. إنّ من وهب شبابه لننعم بالحريّة ولتجلسو أنتم على أراءك الحكم لا يستحقّ الإخفاء بل يستحقّ التّكريم والتبجيل …. ولكن عفوا لانّ الكرم لا يأتى من اللّئام … سوف يكرّمه التأريخ ويكرّمه الأحرار من بنى الوطن و رفاقه الأبرار أمّا أنتم فأبشرو إنّ يوم حسابكم قادم لا محالة يوم يكرم فيه العظماء ويطرد فيه اللئام من مائدة الوطن مرّة وإلى الأبد…
وسوف يكون شعارنا الحرّيّة لسجناء الوطن..
والعودة النّافذة والغير مشروطة للمفقودين
فلتكن إرتريا دولة القانون و دولة الحريّة والعدالة
وكلّ عام وإرتريا بخير
روابط قصيرة: http://www.farajat.net/ar/?p=23577